يمكن لشرط التحكيم أن يمتد لأطراف أخرى في العلاقة الاقتصادية الواحدة إذا ثبت علم تلك الأطراف بوجود هذا الشرط وكان لهذه الأطراف دور في صياغة العقد وتنفيذه وفسخه وكأنها طرف به.

إنه من المسلم به فقهاً وقضاء أن آثار العقد لا تنصرف إلى الغير الذي لم يكن طرفاً فيه , ولم تربطه صلة بأي من المتعاقدين سواء كانت هذه الأثار حقاً أم التزاما . وحيث أن تطبيق المبدأ المذكور على مادة التحكيم يؤول بداهة إلى القول بأن الشرط التحكيمي لا يلزم إلا الأطراف الممضية على العقد المتضمن لمثل هذا الشرط دون غيرها. وحيث عرّف الفصل 461 من مجلة الشركات التجارية تجمع الشركات بأنه : ” كمجوعة من الشركات لكل واحدة منها شخصيتها القانونية تكون مرتبطة بمصالح مشتركة , وتمسك إحداها – وتسمى الشركة الأم – بقية الشركات تحت نفوذها القانوني أو الفعلي وتمارس عليها رقابتها بشكل يؤدي إلى وحدة القرار … ) وحيث أن استقلال الذمم المالية للشركات المكونة للتجمع وانفراد كل واحدة منها بشخصية معنوية بذاتها يجب أن لا يحجب وحدة الواقع الاقتصادي لتلك الشركات وخضوعها لسلطة موحدة … وحيث أنه لا خلاف في أن وجود تجمع الشركات في حد ذاته لا يؤدي بالضرورة إلى وضع قاعدة عامة مفادها إخضاع جميع الشركات المنتمية للتجمع المذكور لموجبات الشرط التحكيم المضمن بالعقد … وحيث أن تشعب المعاملات التجارية وتشابك العلاقات الاقتصادية وتعدد الأطراف المدخلة في العملية الاقتصادية قد أفرز واقعاً عمليا يتمثل في تحرير هدة عقود تجارية بمناسبة معاملة واحدة , أو تحرير عقد واحد تتجاوز فيه الالتزامات والصلاحيات حدود المتعاقدين لتمتد إلى غيرهما من الأطراف , وذلك بالنظر للوحدة الاقتصادية ولتداخل المصالح الموجودة بينهم … وحيث أن الفقه والقضاء الفرنسيين مستقرين على اعتبار أن الاتجاه نحو توسيع الشرط التحكيمي أو تضييقه يجب أن يؤسس على دراسة الوضعيات القانونية للشركات المعنية وتفحص نشاطها وبيان مدى علمها بوجود وبمضمون الشرط التحكيمي من عدمه . … ولئن كان انتماء شركة ما لتجمع شركات غير كاف في حد ذاته لتوسيع الشرط التحكيمي الذي لم يحظ بموافقة تلك الشركة , ومن ثم إدخالها في إجراءات التحكيم , فإن ذلك الانتماء إذا ما تعزز بوقائع أخرى تفيد بصفة قطعية علم الشركة التي تم إدخالها بوجود العقد ومشاركتها في المراحل التي سبقت التعاقد , يؤول بالضرورة إلى اعتبارها امتداد للشخص المعنوي المتعاقد وإخضاعها بالتبع لمقتضيات الشرط التحكيمي وأثاره … ذلك أن تجمع الشركات ينطوي على حقيقة اقتصادية واحدة تؤدي إلى اعتبار الشرط التحكيمي المقبول من إحدى شركات المجمع يلزم الشركات الأخرى التي لعبت دوراً في تكوين وتنفيذ وفسح العقد أو العقود المتضمنة لذلك الشرط , ولا سيما وأنها ظهرت بمثابة الطرف الممضي في العقد أو المعني به بالدرجة الأولى.


محكمة الاستئناف في تونس – القضية رقم /14752/ – صدر بتاريخ 08-03-2011م
0U12Y011