التحكيم قضاء خاص ذو مصدر اتفاقي لهذا لا يمكن للمحاكم النظر في أحكام التحكيم من الزاوية القضائية البحتة بل يجب وضعها في إطار قواعدها الخاصة.
إن مسألة تحديد طبيعة الحكم التحكيمي من جهة موقعه من الأحكام القضائية العادية لم تشهد الاستقرار يوماً . فقد رآها البعض ذات صبغة قضائية صرفة , في حين كان البعض الآخر يُقر بالصبغة التعاقدية الصرفة للتحكيم , مع بروز اتجاهات أخرى تُقرب الهوة بين الاتجاهين المذكورين , من ذلك بروز نظرية ” التحوّل ” بمعنى تحوّل الطابع الأصلي للتحكيم – وهو التعاقدي – إلى الطابع القضائي بمجرد تدخل القضاء بموجب منحه للقوة التنفيذية للحكم التحكيمي . أو النظرية القائلة بازدواجية الطبيعة القانونية للتحكيم , فهو قضاء , وهو قضاء خاص . وهو مبدئياً قضاء خاص ذو مصدر اتفاقي . وهو ما كرسه الفصل الأول من مجلة التحكيم ( قانون التحكيم التونسي ) باعتباره التحكيم ” طريقة خاصة لفصل بعض أصناف النزاعات من قبل هيئة تحكيم يسند إليها الأطراف مهمة البت فيها بموجب اتفاقية تحكيم “. وحيث أن هذا الطابع المزدوج للحكم التحكيمي … من شأنه أن يدعو إلى القول أن النظر في الحكم التحكيمي وخاصة الدولي لا يمكن أن يكون من زاويته القضائية فحسب أو عموم القواعد المنطبقة على الأحكام القضائية العادية , بل يجب بالضرورة تنزيلها في إطار الأحكام الخصوصية الواردة بمجلة التحكيم ( قانون التحكيم ).
محكمة الاستئناف بتونس – القضية رقم /69135/ – القرار الصادر بتاريخ 19-05-2009م
0U10Y011