إن انتماء المحكم لذات المنطقة أو القبيلة الذي ينتمي إليه أحد أطراف التحكيم لا يعد سبباً للشك في حياد المحكم واستقلاله، وهكذا ادعاء يعتبر تعزيزاً للنزعة القبلية.

لا جدال في أن من الشروط الواجب توافرها في شخص المحكم هي تلك الشروط الذاتية المنصوص عليها بالفصل /10/ من مجلة التحكيم ( قانون التحكيم ) والذي نص على وجوب أن يكون المحكم شخصاً طبيعياً رشيداً كفئاً ومتمتعاً بكامل حقوقه المدنية وبالاستقلالية والحياد إزاء الأطراف.
وحيث أن مناقشة الجهة الطاعنة بمسألة توفر الحياد والاستقلالية في شخص رئيس هيئة التحكيم تندرج في الحقيقة في اطار التجريح بالمحكم الذي يُعرف بكونه طريقة لإقصاء المحكم الذي لا يتمتع بالاستقلالية والحياد , وهو ما لا يجوز لهذه المحكمة النظر فيه طالما أن مراقبتها مناطها أوجه البطلان الواردة حصراً في صلب الفصل /42/ من مجلة التحكيم , فضلاً عن أن المشرع خص مسألة المنازعة في صفات المحكم بأحكام وإجراءات خاصة , وردت بها على وجه الخصوص مقتضيات الفصل /12/ من مجلة التحكيم الذي نص على أنه : ( لا يقبل عزل المحكم أو التجريح فيه بعد ختم المرافعة (  وكذلك الفصل /22/ من نفس المجلة التي نص على أنه : ( لا يجوز لأي من أطراف النزاع التجريح في محكم عينه أو اشترك في تعيينه إلا لأسباب تبينها بعد أن تم التعيين ).
وحيث علاوة على ما تقدم فإن الانتماء إلى جهة ترابية معيّنة لا يعد سبباً لنفي الاستقلالية أو الحياد عن المحكم , باعتبار أن هذا القول يؤول إلى تكريس النزعة القبلية . وهي مفاهيم بالية تجاوزها الزمن, وبات بذلك دفع الطاعنة بأن وحدة الجهة التي ينتمي إليها كل من رئيس هيئة التحكيم ووكيلي الجهة المطعون ضدها من شأنه الدلالة على عدم الحياد والاستقلال دفعاً مردوداً عليها وحرياً بالرد … ولا شيء في أوراق الملف يفيد بوجود علاقة قرابة أو مصاهرة أو غيرها من العلاقات الأخرى لا من قريب ولا من بعيد بين رئيس هيئة التحكيم والشركة المطعون ضدها في شخص ممثليها القانونيين , حتى تثار الشكوك حول الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية ويتخلى رئيس هيئة التحكيم عن المسؤولية المنوطة بعهدته.


محكمة الاستئناف – تونس – القضية رقم /25825/ صدر بتاريخ 13-03-2012م