إن إسناد النظر في دعاوى بطلان حكم التحكيم لمحاكم الدرجة الثانية دون الأولى وعلى درجة واحدة من درجات التقاضي هي قاعدة منصفة تتفق مع طبيعة طريق التحكيم الذي اختاره الأطراف.
إن التحكيم باعتباره طريقاً استثنائياً لفض المنازعات يتأسس في نشأته وإجراءاته، وما يتولد عنه من قضاء على إرادة أطرافه التي تتراضى على اللجوء إليه كوسيلة لفض منازعاتهم بدلاً من اللجوء إلى القضاء، واحتراماً لهذه الإرادة حظر المشرع الطعن في أحكام التحكيم بأي طريق من طرق الطعن، فالأصل أنه لا يجوز معاودة طرح النزاع الذي تم الاتفاق على حسمه بالتحكيم أمام القضاء لأسباب تتعلق بموضوع النزاع إلا أن المشرع في الوقت ذاته استثنى حالة العوار الذي يصيب المقومات الأساسية لحكم التحكيم من خلال صور للبطلان حددها على سبيل الحصر تدور في إطار الخروج على مبدأ سلطان إرادة الأطراف سواءً في تحديد نطاق التحكيم أو أطرافه أو تشكيل هيئة التحكيم أو مخالفة النظام العام أو عند التغاضي عن مبدأ المواجهة كركن أصيل من إجراءات التقاضي، وقد عهد المشرع بنظر دعوى بطلان أحكام التحكيم إلى محكمة الدرجة الثانية دون الدرجة الأولى. وعلى درجة واحدة من درجات التقاضي باعتباره قاعدة منصفة تتفق مع طبيعة طريق التحكيم الذي اختار أطرافه اللجوء إليه بإرادتهم الحرة تنسحب على دعوى بطلان حكم التحكيم والتي يكتسب الحكم فيها قوة الأمر المقضي بمجرد صدوره، فلا يجوز الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن.
محكمة التمييز القطرية – الطعن رقم 126 لعام 2019م تمييز مدني – صدر في 16-04-2019م