إن التحكيم ابتعد تدريجياً عن فكرة التوطين والارتباط بإقليم جغرافي محدد , فالمقر القانوني للتحكيم لا يرتبط بمكان انعقاد الجلسات خاصة مع انعقاد تلك الجلسات بوسائل الاتصال الحديثة.
إذا كان قانون التحكيم لا يشترط اختيار المُحَكَمين من جنس أو جنسية أو من مهنة بعينها كالمحاماة , فمن باب أولى عدم اشتراط ذلك فى حق ممثلي الأطراف. ولذلك فقد يؤثر المحتكمون توكيل غير المحامين لتمثيلهم فى المنازعات ذات الجوانب الفنية المعقدة وخاصةً إذا ما كان مقطع النزاع ينطوي على مسائل فنية أكثر منها قانونية. ويؤكد النظر المتقدم، أن التحكيم أخذ يبتعد تدريجيًا عن فكرة التوطين localization، أي ارتباط التحكيم بشكل وثيق بإقليم جغرافي بعينه، بعد اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨. وفى ظل العولمة التي طالت مجال المحاماة، بات من الشائع الاعتماد على المحامين الأجانب لتمثيل الأطراف في دعاوى التحكيم التي يكون مقرها القانوني في مصر، دون أن يستلزم ذلك عقد أي من جلسات التحكيم داخل الإقليم المصري، لعدم ارتباط مفهوم المقر القانوني كفكرة مجردة seat of arbitration بالمكان الفعلي لعقد جلسات التحكيم venue، لا سيما مع ازدياد الإقبال على عقد جلسات التحكيم بواسطة وسائل الاتصال الحديثة virtual hearings…. وأن حق المحتكمين فى حرية اختيار ممثليهم أو وكلائهم إنما ينبع من قانون التحكيم ذاته، ولا يتوقف على اختيارهم لقواعد تحكيم تنص صراحة على إمكانية تعيينهم لغير المحامين كممثلين عنهم.
محكمة النقض المصرية – الدائرة التجارية – الطعن رقم /١٨٣٠٩/ لسنة ٨٩ قضائية – صدر بتاريخ 27-10-2020م