إعفاء المحكمين من التقيد بالأصول والقانون لا يعني منحهم مطلق التصرف للحكم بأهوائهم. لإن الاعفاء مقصور على القواعد غير الإلزامية ولا تشمل القواعد المتعلقة بالنظام العام.

إن المشرع عندما أجاز للمتعاقد اللجوء إلى التحكيم وأناط بالمحكمين أمر القضاء بين الناس إنما قيّدهم عند اصدار حكمهم بأصول بيّنها لهم وأوجب عليهم مراعاتها بعد أن أعطى لأحكامهم قوة مماثلة للأحكام الصادرة عن المحاكم العادية . وإن تلك الواجبات التي حرص عليها المشرع ترتدي طابع النظام العام . وعليه فإنه يجب ألا يُفهم من الاعفاء الذي نص عليه المشرع لجهة أنهم معفون من التقيد بالأصول والقانون كونهم مفوضون بالصلح من أن المحكم بات مطلق التصرف وغير مقيد بأي قيد وإلا أصبح الحكم بأهواء المُحكم ورغباته لا بقواعد العدالة والانصاف , حيث أن حق المفوض بالصلح والاعفاء قاصر على القواعد غير الإلزامية . أما تلك القواعد المتعلقة بالنظام العام فهي تُفرض على الخصوم كما تُفرض على المحكم نفسه الذي يتوجب عليه التقيّد بها ولا يجوز له مخالفتها.


محكمة الاستئناف المدنية في ريف دمشق – القرار رقم 39 لعام 2018م –  صدر بتاريخ 17-12-2018