إن صفة الحياد والاستقلالية المطلوبة في القاضي هي ذاتها المطلوبة في شخص المُحكم
ولئن كانت مسألة تحديد طبيعة الحكم التحكيمي من جِهة موقِعِه من الأحكام القضائية العادية لم تشهد الاستقرار يوماً. فقد رآها البعض ذات صبغة قضائية صرفة, في حين انصرف رأي البعض الآخر إلى الإقرار بالصبغة التعاقدية الصرفة للتحكيم , مع بروز اتجاهات أخرى تُقرب الهوة بين الاتجاهين المذكورين وتراوح بينهما. أو النظرية القائلة بازدواجية الطبيعة القانونية للتحكيم, إلا أنه يكاد الإجماع على أن المحكم ولئن كان يستمد شرعيته من اتفاقية التحكيم, إلا أن القانون سّوى بينه وبين القاضي في أداء مهمته القضائية في نطاق النزاع التحكيمي الذي عُيّن فيه…. من المفترض, اعتباراً لممارسة المحكم لمهمة قضائية – ولو كان بصفة عرضية لارتباط صفته بنزاع معين – اشتراط توافره على صفتي الحياد والاستقلالية اللتين تم اعتبارهما من ضمانات النزاهة. ذلك أنه سواء تعلق الأمر بقضاء الدولة أو القضاء الخاص فإن الغاية واحدة وهي تحقيق العدل وحماية حقوق الأفراد.
محكمة الاستئناف بتونس – القضية /98035/ – لعام 2009.