لا يجوز لأحد أطراف التحكيم أن يناقض نفسه ويطعن بحكم التحكيم من أجل سبب أوجده هذا الطرف أو نتج عن أفعاله.
إن القاعدة الحاكمة في النظم القانونية المختلفة تتطلب حسن النية في التصرفات والإجراءات, كما في المعاملات . وحسن النية هذا يشكل قاعدة سليمة ومرغوبة, ولم يجر بها نص تشريعي خاص, لأنها تقوم على قيم أخلاقية مختلفة, كالنزاهة والاستقامة والصدق والأمانة والإنصاف, وأيضاً تتطلبها غاية تنظيم العلاقات في المجتمع , وخاصة في مجال العقود والمعاملات التجارية. فهي ليست مجرد تكليف أخلاقي وسلوكي , وإنما تعد كذلك التزاماً قانونياً. فالإخلال بواجب حسن النية لا يجوز أن يفيد منه فاعله , بل يتعين أن يرد عليه قصده. واعتمدت هذه القاعدة مع تنوع صورها في التحكيم ضمن القواعد القانونية ذات الصبغة العالمية, المعتبرة من ثوابت صيانة النظام والاستقرار في المجتمع التجاري الدولي … في التحكيم وتحت ظل القاعدة الكلية التي تقول بحسن النية في التعاملات, وهدياً عليها أو تفريعاً عن فكرة التعسف في استعمال الحق, تم إبراز وتحديد وأيضاً تكريس ما يعرف بقاعدة الإستوبل… وهي معروفة … في مجمل النظم القانونية بتعبيرات أو تسميات أخرى … فقد يطلق عليها : نظرية الإغلاق أو مبدأ عدم التناقض إضراراً بالغير. وبمقتضاها – مع اختلاف تسمية المصطلح – يمكن إحباط مسعى الخصم من الاستفادة من أقواله وسلوكياته ومواقفه القانونية المتناقضة للحصول على منافع على حساب خصمه. أو حسب التعبيرات الواردة في المبادئ القانونية العربية : ( من سعى في نقض ما تم من جهته , فسعيه مردود عليه ) . ومن تطبيقات مبدأ الإستوبل هذا في نطاق التحكيم – بالنظر إلى المبدأ من الوجهة الإجرائية – فإنه لا يجوز لمتقاضٍ أن يتذرع للطعن في حكم التحكيم بعكس ما كان قد أدلى به أو قبله خلال سير إجراءات التحكيم. ومن ذلك لا يجوز للطرف في التحكيم أن يتمسك أو يشكو أمام محكمة البطلان – توصلاً إلى بطلان حكم التحكيم – بعيوب تتعلق باتفاق التحكيم ناتجة من أفعاله هو.
محكمة استئناف القاهرة – الدائرة 7 تجارية – الدعوى رقم 57 لسنة 128 قضائية – لعام 2012.