شركة غاز الشرق المصرية تنهي عدداً من قضايا التحكيم المرفوعة ضدها عن طريق التسوية.

نجحت شركة غاز الشرق المصرية في تسوية قضيتي التحكيم الدولي المرفوعة من بعض مساهمي شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط ضد الحكومة المصرية، وذلك من خلال استحواذ الأولى مع شركائها على حصة المساهمين رافعي الدعاوى التحكيمية في الثانية، أعقبها تسوية قضيتي التحكيم التجاري من خلال وجودها كمساهم في الشركة.

وفي حوار صحفي مع محمد شعيب الرئيس التنفيذي لشركة غاز الشرق المصرية، قال شعيب، إن بعض المساهمين في شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط رفعوا قضيتين للتحكيم الاستثماري، الأولى أمام المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستثمارية (الأكسيد) بواشنطن، والثانية أمام المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي ــ هولندا، وذلك منذ 2012، وكذلك كانت هناك قضيتان للتحكيم التجاري الأولى في غرفة التجارة الدولية بباريس منذ أكتوبر 2011، والثانية في مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولي عام 2012 بين شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط من ناحية والهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية من ناحية أخرى.

وتابع «فكرة حل المنازعات بدأت في منتصف 2017.. ليس بالتفاوض المباشر مع المساهمين رافعى الدعاوى التحكيمية، ولكن مع شركتى ديليك ونوبل صاحبتى الحق في مناطق الامتياز في حقول شرق البحر المتوسط، وتملكان مع آخرين احتياطيات كبيرة بعد تحقيقهما اكتشافات غازية منذ عام 2010 في حقلى ليفياثان وأفروديت، حيث لم يتمكنا منذ تحقيق اكتشافاتهما من تنمية الحقلين والإنتاج منهما لعدم وجود سوق حقيقية للغاز بمناطق الإنتاج».

ويوضح شعيب، «ومن ثم بنيت فكرتنا على تشجيعهم على المشاركة معنا في شركة تقوم بالتفاوض مع المساهمين رافعى الدعاوى التحكيمية على مصر لشراء حصتهم في شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط»، مضيفا «بالفعل تم تأسيس شركة هولندية 50% غاز الشرق، و50% مناصفة بين ديليك ونوبل، وقامت الشركة بالتفاوض والاتفاق المشروط بتسوية قضيتى التحكيم الاستثمارى مع سداد قيمة الصفقة ونقل أسهم هؤلاء المساهمين القدامى إلى المساهمين الجدد».

وبحسب شعيب تم توقيع التسوية النهائية على قضيتى التحكيم الاستثمارى في 26 سبتمبر الماضى، وإبلاغ هيئات التحكيم في واشنطن ولاهاى بذلك، «أى أن استحواذ شركته بالتعاون مع شركائها على حصة في «غاز شرق البحر الأبيض المتوسط ــ إى إم جى»، المالكة لخط نقل الغاز الممتد بين عسقلان والعريش، أدى إلى انهاء جميع قضايا التحكيم الدولي المرفوعة ضد الحكومة المصرية في هذا الشأن».

وتابع أن «عملية التفاوض استغرقت نحو 18 شهرا حتى نصل لاتفاق نهائى يقضى بالاستحواذ على حصة 39% من شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط»، لافتا إلى أن عملية تسوية التحكيم الدولي المرفوعة من قبل المساهمين، «جاءت دون أن تتحمل الدولة أموالا أو أعباء مالية».

وأشار إلى أن قيمة الصفقة تحملتها الشركة الهولندية التى تساهم فيها شركتا ديليك، ونوبل، مع شركة غاز الشرق والتى دبرت حصتها من خلال تمويل تسدده من عوائدها بعد تشغيل الخط.

وكانت شركة ديليك للحفر أصدرت بيانا تضمن أنها مع شركة نوبل وشركة غاز الشرق اتفقوا على شراء 39% من شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط، والتى تمتلك خط أنابيب الغاز الواصل بين عسقلان والعريش من خلال شركة «إى إم إى دى» فيما تدفع شركتا ديليك ونوبل 375 مليون دولار وشركة غاز الشرق 150 مليون دولار، من قيمة الصفقة التى تبلغ 525 مليون دولار.

كما اشترت شركة غاز الشرق في صفقة منفصلة 9% من أسهم «غاز شرق البحر الأبيض المتوسط» من شركة إم جى بى سى.

وبحسب شعيب، سيتغير ــ وفقا للصفقة ــ هيكل ملكية شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط، ليتوزع بين 39% لصالح شركة إيميد المملوكة لشركة غاز الشرق وديليك للحفر ونوبل إنريجى، بالإضافة إلى 17% لشركة إم جى بى سى، و25% لشركة بى تى تى التايلاندية، و9% لغاز الشرق، 10% للهيئة المصرية العامة للبترول.

ويقول شعيب، إن شركة غاز الشرق أصبحت تمتلك الآن نحو 28.5% من أسهم شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط بطريقة مباشرة وغير مباشرة، أى أصبحت شركته مع الهيئة العامة للبترول المصرية يمتلكان 38.5% من أسهم الشركة بعدما كانت حصتهما 10% فقط.

ويمتد خط أنابيب شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط، بنحو 90 كيلومترا ويقع في البحر المتوسط، حيث يربط شبكة أنابيب الغاز في عسقلان بشبكة أنابيب الغاز بالقرب من العريش.

وأضاف شعيب أنه بعد نقل الأسهم للمساهمين الجدد عقدت شركة شرق البحر الأبيض المتوسط، اجتماعا لجمعيتها العمومية ناقش فيه كل حاملى الأسهم «بكل صراحة ووضوح»، كل الخيارات والمزايا والمخاطر لكل منها، وقررت الشركة قبول تسوية قضيتى التحكيم التجارى مع كل من الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية.

وبالفعل تم توقيع التسوية بين أطرافها يوم الأربعاء 25 ديسمبر الحالي، ليغلق بذلك ملفات جميع قضايا التحكيم المتعلقة بشركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط ومساهميها وديا، ودون أن تتحمل الحكومة المصرية ولا مؤسساتها أى تعويضات أو أعباء مالية، وفق شعيب.

وأضاف أن إعادة تشغيل خط الغاز الممتد بين عسقلان والعريش عكسيا، سيكون هو البداية الحقيقية في تحويل مصر إلى مركز إقليمي للغاز وتداوله وتجارته سواء في صورته الطبيعية أو مسالا لجميع أسواق العالم، بالإضافة إلى هدف أسمى وأهم وهو المساعدة في تدعيم أمن الطاقة في مصر لسنوات طويلة، مما يدعم خطط الدولة التنموية الصناعية والاقتصادية، بالإضافة إلى استغلال مصر لبنيتها التحتية من الخطوط عبر الدول ومحطات إسالة الغاز الطبيعي وإعادة تصديره.

ورفعت شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط ــ الوسيطة في الاتفاق المبرم بين مصر وإسرائيل لتصدير الغاز إلى الأخيرة ــ قضية تحكيم دولي ضد مصر عام 2012، وطالبت الحكومة بتعويضات قيمتها 8 مليارات دولار، بعد قرار القاهرة وقف تصدير الغاز للشركة والتي كانت بدورها تبيعه إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية في إبريل 2012.

وكانت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية ICC بجنيف، أصدرت حكما يقضى بإلزام الشركة القابضة للغازات الطبيعية ايجاس والهيئة العامة للبترول في ديسمبر من عام 2015، بدفع تعويض لشركة غاز شرق المتوسط بـ288 مليون دولار، و1.7 مليار دولار لشركة كهرباء إسرائيل، بعد قرار القاهرة وقف تصدير الغاز لتل أبيب في إبريل 2012.

ويقول شعيب، الذى كان يتولى منصب رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، وقت إنهاء عقد تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل، «قمنا بفسخ التعاقد التجاري في الماضي نتيجة عدم سداد مستحقاتنا لدى شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط.. الأمران يرتبطان ببعضهما، ففي وقت إنهاء العقد كانت تكلفة استيراد مصر للمازوت المحتوى على 3.5% كبريت ستة أضعاف سعر تصديرها للغاز، وهو ما كان يعنى بحسبتنا على الأسعار في حينه أن استمرار التعاقد حتى نهايته سيكبد الدولة خسائر فرق في السعر تزيد عن 60 مليار دولار».

ويشير شعيب، إلى أن عملية تسوية قضايا التحكيم الدولي بطريقة ودية، «هى رسالة قوية للمستثمرين أن مصر تستطيع حل قضايها بطريقة ودية، وأن لديها الرغبة في تسوية القضايا»، مضيفا «تسويتنا لقضايا التحكيم يجب ألا نقارنها بمبلغ التعويضات المطلوبة من المدعين في القضايا التحكيمية أو التى قررتها هيئات التحكيم، ولكن يجب مقارنتها بما كان يمكن أن يصيبنا كدولة من ضرر في حالة استمرار التعاقد مع إخفاق المشترى في السداد حينه».

وتوقع أن يتم استيراد الغاز عبر خطوط شركة غاز شرق المتوسط خلال العام المقبل، بكميات تبدأ قليلة ثم تزيد بالتدريج طبقا للعقود المبرمة.

كانت شركة دولفينوس القابضة وقعت عقدا مع شركتى ‫ديليك الإسرائيلية ونوبل الأمريكية، لتصدير الغاز الطبيعى الإسرائيلى إلى شركات قطاع خاص مصرية من حقلى تمار ولوثيان، بغرض إعادة تصديره إلى دول أخرى، حيث ستورد الشركات نحو 85.3 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى لمصر، على مدى 15 عاما، وهو ما يزيد بنحو 35٪ عما تم الاتفاق عليه في 2018 عند الإعلان الأول عن الصفقة، مضيفا أن شركات القطاع الخاص ساهمت بدور أساسى في هذا الأمر.

وبحسب الرئيس التنفيذى لشركة غاز الشرق المصرية، فإن استيراد الغاز الطبيعى من حقول شرق المتوسط، يساعد الشركة القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس»، في تسوية قضايا التحكيم الدولي الخاصة بشركة يونيون فينوسا، من خلال إمدادها بكميات من الغاز لمدة طويلة لإعادة تشغيل محطة الاسالة في دمياط.

كان مركز تسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي «أكسيد»، قد قضى خلال العام الماضى بتعويض من الحكومة المصرية لصالح شركة يونيون فينوسا الإسبانية للطاقة بقيمة 2 مليار دولار، بعد انقطاع الحكومة عن إمداد محطة الإسالة المملوكة للشركة في دمياط بالغاز الطبيعى.

ويقول شعيب، إنه سيتم تسوية المديونية والفوائد المستحقة للبنك الأهلى المصرى لدى شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط، والتى تقدر بنحو 222 مليون دولار، وهو ما كان في حساب الدين المعدوم في حالة عدم إعادة تشغيل الخط وخلق قدرة للشركة على السداد، مشيرا إلى أن الحكومة تستهدف تحقيق نمو اقتصادى يبلغ نحو 6%، «وهو ما يتطلب أن يتجاوز نمو قطاع الطاقة معدل نمو الاقتصاد المصرى بنسبة لا تقل عن 8%» على حد قوله.

ويرى شعيب أن أمام مصر فرصة كبيرة لاستغلال اكتشافات الغاز الكبيرة لديها ولدى دول شرق البحر المتوسط، سواء المنتجة حاليا أو قبرص ولبنان في المستقبل المتوسط، لأن وجود مصر كسوق كبيرة بعدد سكانها وطموحاتها في التنمية وما تملكه من بنية تحتية سيشجع المنتجين في هذه الدول على الإسراع في التنمية، وهو ما يعود بالنفع عليها وعلى الدول التى تملك الاحتياطيات وعلى القاهرة، ويؤكد أن مصر هى المركز الإقليمى الحقيقى للغاز وتداوله وتجارته بالمنطقة.


نقلاً عن صحيفة الشروق المصرية