اتفاق التحكيم ينشأ من الإرادة الحرة للأطراف ولا يجوز أن يفرض جبراً بواسطة النصوص القانونية أو القواعد الآمرة.
إن أحكام قانون الإجراءات المدنية .. قاطعة الدلالة على الطبيعة الرضائية للتحكيم باعتباره تصرفاً وليد الإرادة وناشئاً عنها ، ومن ثم فإن فرض التحكيم جبراً في المنازعات الناشئة عن علاقات بعينها أمر يناقض طبيعة التحكيم في أصله ومبناه . وينطوي على إخلال بحق التقاضي بحرمان ذوي الشأن من اللجوء إلى القضاء فضلاً عن انطوائه بالضرورة على الافتئات على اختصاص السلطة القضائية . لما كان ذلك وكان قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع رقم 1 لسنة 2001 بشأن نطاق التحكيم في المنازعات الناشئة عن تداول الأوراق المالية والسلع قد صدر استناداً إلى القانون رقم 4 لسنة 2000 في شأن هيئة وسوق الأمارات للأوراق المالية والسلع الذي فوض الهيئة في المادة الرابعة منه وفي سبيل تحقيق إغراضها بالتشاور والتنسيق مع الأسواق المرخصة في الدولة وضع الأنظمة التي عددتها تلك المادة ومنها .. “نظام التحكيم في المنازعات الناشئة عن تداول الأوراق المالية والسلع “، وكان البيّن من عبارة هذا النص أن المشرع استهدف به تفويض الهيئة في وضع نظام للتحكيم يراعي طبيعة المعاملات في الأسواق المالية بما لها من آليات وقواعد خاصة وما تتطلبه من سرعة البت في المنازعات الناشئة عن هذه المعاملات بحيث يغنى الخصوم عن الالتجاء إلى القضاء توفيرا للوقت والجهد والنفقات ، مما مؤداه أن الغرض الذي يرمي إليه المشرع من هذا التفويض هو أن يوفر للمتعاملين في الأسواق المالية سبيلا يكفل تسوية المنازعات الناشئة عن تداول الأوراق المالية والسلع بطريقة ميسرة في إجراءاتها لما لها من طبيعة خاصة يتعين مراعاتها ، ولم يقصد المشرع تفويض هيئة الأوراق المالية والسلع في وضع نظام يفرض التحكيم جبرا على أشخاص لا يسعون إليه ويأبون سلوك طريقه بما بناقض الطبيعة الاتفاقية للتحكيم ويؤدي إلى إهدار حق التقاضي .
المحكمة الاتحادية العليا في الامارات – الطعن رقم 676 لسنة 29 تجاري صادر بتاريخ 18-10-2009